الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
.تفسير الآيات (32- 35): .شرح الكلمات: {إن يشأ يسكن الريح}: أي يوقف هبوب الريح فلا نسيم ولا عواصف. {فيظللن رواكد على ظهره}: أي تقف السفن وتظل راكدة حابسة على ظهر البحر. {إن في ذلك لآيات}: أي في هذه المظاهر من خلق السفن والبحار وتسخير البحار وسير السفن وركودها عند سكون الرياح لدلالات واضحة على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته. {لكل صبار شكور}: أي إن هذه الآيات لا يراها ولا ينتفع بها إلا من كان صباراً عند الشدايد والمحن شكوراً عند آلالاء والنعم. {أو يوبقهن بما كسبوا}: أي وان يشأ يجعل الرياح عواصف فيهلك تلك السفن ويغرقها بمن فيها بسبب ذنوب أصحابها، وهو على ذلك قدير. {ويعفو عن كثير}: أي وإنه تعالى ليعفو عن كثير من الذنوب والخطايا فلا يؤاخذ بها إذ لو آخذ بكل ذنب ما بقي أحد على وجه الأرض لقلة من لا يذنب فيها. {ويعلم الذين يجادلون في آياتنا}: أي ويعلم المكذبون بآيات الله من المشركين عندما تعصف العواصف وتضطرب السفن ويخاف الغرق. {ما لهم من محيص}: أي ليس لهم من مهرب غلا إلى الله فيجأرون بدعائه وحده ناسين آلهتهم الباطلة. .معنى الآيات: وقوله تعالى: {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} أي إن في هذه المظاهر من خلق السفن والبحار وتسخير البحار وسير السفن عليها وركودها عند سكون الريح لحجج واضحة قوية على وجود الله وقدرته وعلمه ورحمته ةحكمته ولكن لا يراها ولا ينتفع بها أمثال البهائم، ولكن هي من نصيب كل عبد صبار على طاعة الله وبلائه شكور لآلائه ونعمه عليه. وقوله: {أو يوبقهن بما كسبوا}. وقوله: {ويعف عن كثير} أي ولا يؤاخذ بكل ذنب فقد يعفو عن كثير من الذنوب. إذ لو عاقب على ذنب وآخذ بكل خطئية لما بقى على الأرض أحد إذ ما من أحد إلا ويذنب اللهم إلا ما كان من المعصومين من الأنبياء والمرسلين فإنهم لا يذنبون، ولكن قد يذنب أصولهم وفروعهم فيهلكون ومن أين يوجدون!! وقوله تعالى: {ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص} أي وعندما تكون الريح عاصفة وتضطرب السفن وتشرف على الغرق هنا يعلم المشركون الذي يخاصمون رسول الله ويجادلونه في الوحي الإِلهي ويكذبون به يعلمون في هذه الحال مالهم من محيص أي من ملجأ ولا مهرب من الله إلا إليه فيجارون بدعاء الله وحده كما قال تعالى فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين. .من هداية الآيات: 2- فضل الصبر والشكر وفضيلة الصابرين الشاكرين. 3- تقرير قاعدة ما من مصيبة إلا ذنب مع عفو الله عن كثير. 4- عند معاينة العذاب يعرف الإِنسان ربه ولا يعرف غيره. .تفسير الآيات (36- 41): .شرح الكلمات: {فمتاع الحياة الدنيا}: أي يتمتع به زمناً ثم يزول ولا يبقى. {وما عند الله خير وأبقى}: أي وما عند الله من ثواب الآخرة فهو خير في نوعه وأبقى في مدته. {للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون}: أي ما عند الله خير وأبقى لأصحاب الصفات التالية: الإِيمان، والتوكل على الله، واجتناب كبائر الأثم والفواحش، والتجاوز عمن أساء إليهم، والاستجابة لربهم في كل ما دعاهم إليه فعلا أو تركاً، وإقام الصلاة والمشورة بينهم والإِنفاق مما رزقهم الله، والانتصار عند البغي عليهم هذه عشر صفات أصحابها ما أعده الله تعالى لهم يوم يلقونه خير من متاع الدنيا بكاملها. {وجزاء سيئة سيئة مثلها}: أي جزاء سيئة المسئ عقوبته بما أوجبه الله عليه. {فمن عفا واصلح فأجره على الله}: أي فمن عفا عمن اساء إليه وأصلح ما بينه وبينه فأجره على الله ثابت له. {إنه لا يحب الظالمين}: أي لا يحب البادئين بالظلم، ومن لم يحبه الله أذن في عقوبته. {ولمن انتصر بعد ظلمة}: أي ومن ظلمه ظالم فأخذ منه بحقه. {فأولئك ما عليهم من سبيل}: أي لمؤاخذتهم، لأنهم ما بدأوا بالظلم. .معنى الآيات: والذين إذا أصابهم البغي أي إذا بغي عليهم البغاة الظلمة من الكافرين ينتصرون لأنفسهم إعذاراً لها وإكراماً لأنها أنفس الله وليها فالعزة واجبة لها. هذه عشر صفات متى اتصف بها العبد لا يضره شيء لو عاش الدهر كله فقيراً نقيَّاً محروماً من لذيذ الطعام والشراب ومن جميل اللباس، والسكن والمركب إذ ما عند الله تعالى. له خير وأبقى مع العلم أن أهل تلك الصفات سوف لا يحرمون من طيبات الحياة الدنيا هم أولى بها من غيرهم إلا أنها ليست شيئا يذكر إلى جانب ما عند الله يوم يلقونه ويعيشون في جواره. وقوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} هذا هو الحكم الشرعي جزاء المسيء العقوبة بما أوجب الله تعالى له في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: {فمن عفا} عمن أساء إليه، وأصلح ما بينه وبينه فعادت المودة وعاد الإِخاء فأجره على الله وهو خير له وأبقى من شفاء صدره بعقوبة أخيه الذي أساء إليه. وقوله تعالى: {إنه لا يحب الظالمين} تعليل لعظم الأجر لمن عفا أي كونه تعالى لا يحب الظالمين ضاعف الأجر وأجزل المثوبة للمظلوم إذا عفا وأصلح. وقوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} أي وللذي ظلم فانتصر لنفسه وردَّ الظلم عنها فهؤلاء لا سبيل لكم إلى أذيتهم وعقوبتهم. هذا حكم الله وشرعه. .من هداية الآيات: 2- بيان أكمل الشخصيات الإِسلامية وهي الشخصية التي تتصف بالصفات العشر التي تضمنتها الآيات الأربع ذات الرقم، (36- 37- 38- 39). 3- مشروعية القصاص وعقوبة الظالم. 4- عدم مؤاخذة من ظلم فأخذ بحقه بلا زيادة عنه ما لم يكن حداً فإن الحدود يقيمها الإِمام. 5- فضيلة العفو على الإِخوة المسلمين والإِصلاح بينهم. .تفسير الآيات (42- 46): .شرح الكلمات: {على الذين يظلمون الناس}: أي يعتدون عليهم في أعراضهم أو أبدانهم وأموالهم. {يوبغون في الأرض بغير الحق}: أي ويطلبون في الأرض الفساد فيها بالشرك والظلمم والإِجرام. {ولمن صبر وغفر}: أي ولمن صبر فلم ينتصر لنفسه وغفر وتجاوز عمن أساء إليه. {إن ذلك}: أي إن ذلك الصبر والتجاوز عن المسيء. {لمن عزم الأمور}: أي لمن معزومات الأمور المطلوبة شرعا. {ومن يضلل الله}: أي حسب سنته في الإِضلال. {فما له من ولي من بعده}: أي فليس له من أحد يتولى هدايته ويقدر عليها. {هل إلى مرد من سبيل}: أي هل غلى مرد إلى الحياة الدنيا من سبيل نسلكها لنعود إلى الدنيا. {وتراهم يعرضون عليها}: أي على النار خاشعين خائفين متواضعين. {ينظرون من طرف خفى}: أي من عين ضعيفة النظر كما ينظر المقتول إلى السيف لا يملأ عينه منه. {يوم القيامة}: أي لخلودهم في النار، وعدم وصولهم إلى الحور العين في دار السلام. {إلا إن الظالمين}: أي المشركين. {في عذاب مقيم}: أي دائم لا يخرجون منه وهو عذاب الجحيم. {ومن يضلل الله فما له من سبيل}: أي طريق إلى الهداية في الدنيا، وإلى الجنة يوم القيامة. .معنى الآيات: وقوله تعالى: {ولمن صبر وغفر إنَّ ذلك لمن عزم الأمور} يخبر تعالى مؤكداً الخير بلام الابتداء ان من صبر فلم ينتصر لنفسه من أخيه المسلم وغفر لأخيه زلته فتجاوز له عنها فان ذلك المذكور من الصبر والتجاوز من معزومات الأمور المطلوبة شرعاً. وقوله تعالى: {ومن يضلل الله فماله من ولي من بعده} أي ومن يضلله الله تعالى حسب سنته في الإِضلال فليس له من أحد من بعد الله يهديه. وقوله تعالى: {وترى الظالمين} أي المشركين لما رأوا العذاب أي عذاب النار يقولون: متمنيين الرجوع إلى الدنيا ليؤمنوا ويُوَحّدُوا حتى ينجوا من عذاب النار ويدخلوا الجنة مع الأبرار: هل إلى مرد من سبيل؟ أي هل غلى مرد غلى الدنيا من طريق؟ قال تعالى: {وتراهم يعرضون عليها} أي على النار خاشعين خاضعين متواضعين من الذّل ينظرون من طرف خفى يسترقون النظر لا يملأون أعينهم من النظر إلى النار لشدة خوفهم منها. وهنا يقول الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وإهليهم يوم القيامة وذلك لخلودهم في النار وحرمانهم من الوصول إلى الحور العين في الجنة دار الأبرار، ويعلن معلن فيقول: ألا إن الظالمين لأنفسهم بالشرك والمعاصي في عذاب مقيم لا يبرح ولا يزول وقوله تعالى: {وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله} يخبر تعالى بأنه لم يكن لأولئك الظالمين من أهل النار من أولياء من دون الله ينصرونهم بتخليصهم من العذاب. وقوله: {ومن يضلل الله فما له من سبيل} أي فما له طريق إلى هدايته في الدنيا وإلى الجنة يوم القيامة. .من هداية الآيات: 2- وجوب معاقبة الظالم والضرب على يديه. 3- فضيلة الصبر والتجاوز عن المسلم إذا أساء بقول أو عمل. 4- لا أعظم خسراناً ممن يخلد في النار ويحرم الجنة وما فيها من نعيم مقيم. .تفسير الآيات (47- 50): .شرح الكلمات: {من قبل أن يأتي يوم}: أي يوم القيامة. {لا مردّ له من الله}: أي إذا أتى لا يرد بحال. {ما لكم من ملجأ يومئذ}: أي تلجأون إليه وتتحصنون فيه. {وما لكم من نكير}: أي وليس لكم ما تنكرون به ذنوبكم لأنها في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. {فإن أعرضوا}: أي لم يجيبوا ربهم لما دعاهم إليه من التوحيد والعبادة. {إن عليك إلا البلاغ}: وقد بلغت فلا مسئولية تخشاها بعد البلاغ. {وإنا إذا اذقنا الإِنسان منا رحمة}: أي نعمة كالغنى والصحة والعافية. {وإن تصبهم سيئة}: أي بلاء كالمرض والفقر وغير ذلك. {بما قدمت أيديهم}: أي من الذنوب والخطايا. {فإن الإنسان كفور}: أي للنعمة والنعم والإِنسان هو غير المؤمن التقى. {لله ملك السموات والأرض}: أي خلقا وملكاً وتصرفا. {يهب لمن يشاء إناثا}: أي يرزق من يشاء من الناس بنات. {ويهب لمن يشاء الذكور}: أي ويعطي من يشاء الأولاد الذكور. {أو يزوجهم ذكرانا وإناثا}: أي يجعلهم ذكوراً وإناثاً. {ويجعل من يشاء عقيما}: أي لا يلد ولا يولد له. .معنى الآيات: وقوله تعالى: {لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء} إنه بِحُكم سلطانه على الأرض والسماء فانه يتصرف كيف يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمنيشاء الذكور أو يزوجهم له ذكوراً وإناثاً، ويجعل من يشاء من الناس عقيما لا يلد ولا يولد له، وهذا ناتج عن علم أحاط بكل شيء، وقدرة أخضعت لها كل شيء وهذا معنى قوله: {إنه عليم قدير} فالواجب أن يُسلم العبد لربه فيما وهبه وأعطاه إذ الله يعطى لحكمة ويمنع لحكمة، ومن السفه الاعتراض على حكم الله. .من هداية الآيات: 2- على الدعاة إلى الله تعالى إبلاغ مطلوب الله تعالى من عباده، ولا يضرهم بعد ذلك شيء. 3- بيان طبع الإنسان وحاله قبل أن يهذب بالإِيمان واليقين والطاعات. 4- لله مطلق التصرف في الملكوت كله فلا يصح الاعتراض عليه في شيء فهو يهب ويمنع لحكم عالية لا تدركها عقول العباد. 5- وجود عقم في الرجال وعقم في النساء، ولا بأس بالعلاج الجائز المشروع عند الشعور بالعقم أو العقر. اما ما ظهر الآن من بنوك المني، والإِنجاب بطريق صبّ ماء فحل في فرج امرأة عاقر وما إلى ذلك فهذه من أعمال الملاحدة الذين لا يدينون لله بالطاعة له والتسليم لقضائه، وإن صاموا وصلوا وادعوا أنهم مؤمنون إذ لا حياء لهم ولا إيمان لمن لا حياء له، وحسبهم قبحا في سلوكهم هذا الكشف عن السوءات بدون انقاذ حياة ولا طلب رضا الله رب الأرض والسموات. .تفسير الآيات (51- 53): .شرح الكلمات: {أو يرسلوا رسولا}: أي أو يرسل ملكاً في صورة إنسان فيكلمه مبلغا عنالله تعالى. {إنه علي حكيم}: أي الله تعالى ذو علو على سائر خلقه حكيم في تدبير خلقه. {وكذلك أوحينا إليك}: أي كما كنا نوحي غلى سائر رسلنا أوحينا إليك يا محمد هذا القرآن. {روحاً من أمرنا}: أي وحيا ورحمة من أمرنا الذي نوحيه إليك. {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإِيمان}: أي لم تكن قبل تدري أي شيء هو الكتاب، ولا الإِيمان الذي هو قول وعمل واعتقاد. {ولكن جعلناه نوراً نهدي به}: أي جعلنا القرآن نورا نهدي به من نشاء من عبادنا إلى صراطنا. {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}: أي الإِسلام. {ألا إلى الله تصير الأمور}: أي ترجع أمور جميع العباد في يوم القيامة إلى الله تعالى. .معنى الآيات: وقوله: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا} كما كنا نوحي إلى سائر رسلنا أوحينا إليك يا محمد روحاً وهو القرآن وسمى روحاً لأن القلوب تحيا به كما تحيا الأجسام بالأرواح، وقوله: {من أمرنا} أي الذي نوحيه إليك الشامل للأمر والنهى والوعد والوعيد وقوله تعالى: {وما كنت تدرى ما الكتاب} أي القرآن {ولا الإِيمان} الذي هو عقيدة وقول وعمل. وقوله: {ولكن جعلناه نوراً} أي جعلنا القرآن نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا إلى الإِيمان بنا وتوحيدنا وطلب مرضاتنا بفعل محابّنا وترك مساخطنا. وقوله: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} أي وأنك يا رسولنا لتهدي إلى صراط مستقيم الذي هو الدين الإِسلامي وقوله: {صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض} أي خلقا وملكا وعبيداً {وإلى الله تصير الأمور} أي وإليه تعالى مصير كل شيء، ومرد كل شيء إذ هو الملك الحق والمدبر لأمر المخلوقات كلها، ولذا وجب تفويض الأمر إليه والرضا بحكمه وقضائه ثقة فيه وفي كفايته. .من هداية الآيات: 2- القرآن الكريم روح تحيا به القلوب الميتة كما تحيا الأجسام بالأرواح. 3- القرآن نور يستضاء به في الحياة فتعرف به طرق السعادة وسبل النجاة.
|